جمعتنى الفرصه السعيده بصديقى الحبيب على
صاحب مدونه خفقات قلم
ويكتب لى الحظ ان نسهر يوما لنبنى مدونته
وعندما مرت به الايام وقضت تقلباتها ان يكون غير سعيد
وكعادتى اجلس كالعاده احاول ان اخرجه من هذا المود السيئ
واجبرته على هذه الفكره
واعترف انه لم يكن فى قمه ابداعه
ورغم هذا فلقد اتحفنى بقصه فى قمه الروعه
كما تعودنا من على
تحكى القصه عن شابين مثليين فى قطار فى باريس
لكل كاتب مننا فصل بدأ بعلى ثم انا
لتبقى هذه القصه شاهد حى على صداقتى القويه بعلى
التى لا تستطيع قوه فى العالم ان تهزها
(1)
نزلت الأدراج الحجرية لمحطة قطار الأنفاق من أمام مبنى الأوبرا الشهير في باريس متلفحا لفحة سوداء ومعطفا اسود أيضا متقينا برد الصباح .. نادما على عدم سماع نصيحة أمي المتكررة لي لشرب شئ ساخن في الصباح قبل الخروج فقد شعرت بالبرد يتسلل إلى حلقي .. كانت أثار الليل ما زالت موجودة في أطراف السماء في هذه الساعة الباكرة من الصباح .
نزلت مع النازلين على الدرجات ووقفت على الرصيف المزدحم منتظرا القطار الذي أشارت الساعة على قدومه بعد دقيقتين .
ركبته متأملا أن أجد لي مكانا اجلس فيه في هذا الزحام .. وفعلا وجدت كرسيا فارغا بين 3 كراسي جلست على إحداهما سيدة سمراء وشاب أشقر أما في الكرسي الثالث كان يجلس شاب ذو ملامح عربيه لفت نظري العود الذي يحمله وكان يبدو انه غارق في الخيال !
جلست مقابله وتحرك بنا القطار.. كم هو مثير هذا القطار فهو كالدنيا لا ينتظر احد نلتقي به بأشخاص قد يطول بقاءهم معنا وقد يقصر ولكن لابد أن ينزلوا في النهايه كما يجب أن ننزل نحن أيضا في مرحلة ما!
لما نظرت لساعتي انتبهت للتاريخ .. منذ نصف سنه بالتمام كنت أقف في المطار حاملا حقيبة على ظهري بعد أن كانت قد أُرسلت حقائب أغراضي إلى الطائرة .. وقت أمام بوابة العبور مودعا أبي وأمي التي لم تملك أن تحبس دموعها فتركتها تنهمر على خديها .. كابدت أنا دموعي وحاولت ألا أظهرها أمامهم لكني بالكاد نجحت فقد فرت رغما عني دمعة أو دمعتين .. كان عالم جديد ينفتح أمامي مع ركوبي الطائرة ووصولي إلى عاصمة الأنوار!
ستة أشهر مضت بسرعة كانت أيامها الأولى صعبة حاولت التأقلم معها .. واعتقد أني نجحت في ذلك إلى حد ما
أهم ما أعطتني هذه المدينة هي الحرية .. حرية لشخص كتم مشاعره بسبب مجتمع لن يتفهم ميوله .. فقد كنت مثلي وقد فتحت هذه المدينة عالم المثلية أمامي ....!!
أعادتي صوت صفارة القطار المعلنة عن إغلاق الأبواب من ارض المطار في بلادي هناك إلى الكرسي المخملي الذي اجلس عليه .. رفعت عيني أوتوماتيكيا إلى النافذة لأرى اسم المحطة التي وصلناها ونظرت حولي إلى الناس المنهمكة إما بقراءة الجريدة أو بقراءة كتاب .. وعاد القطار إلى سيره ....
وانطلقت ذكرياتي مع انطلاق القطار من جديد .. هذه المرة كنت أقف على طرف الشارع المؤدي إلى حي المثليين .. قررت أن أزوره بعد تردد .. ليس من السهل أن تكون مثلي والأصعب ليست الضغوط الخارجية بل الصراع الداخلي.. لكني وجدت السلام الداخلي وتقبلت نفسي .. وها أنا أقف هناك في الشارع لأشاهد هذا العالم عن قرب!
كان المساء قد حل وخرج الناس يسهرون امتلأ الشارع بالرجال كل اثنين أو ثلاثة يمشون مع بعض ..
المقاهي والبارات ممتلئة كنت امشي مرتجفا مشدوها انظر حولي.. وفي احد الأركان شابان يتبادلان القبلات
شدني هذا المنظر .. التعبير الصريح عن الحب المثلي في حرية تامه .. اعترف بيني وبين نفسي أن لا أتقبلها لهذه الدرجة .. فمن وجهة نظري للحرية حدود ومثل هذه التصرفات لها خصوصية ليس من الضروري ان نكشفه لكل الناس .. من أمام مكتبة للمثليين مررت وأخذت زقاقا ضيقا مر من قبالتي فيه شاب القى علي تحية المساء ورددت بكل حسن نية عليه وواصلت سيري .. ثم سمعت صوت خطوات مسرعه خلفي تحاول اللحاق بي.. فاذ به ذلك الشاب يسألني اذ كان لدي ولاعة حتى يشعل سجارته اعتذرت متابعا سيري الا انه تابع سيره الى جانبي
وعرض ان اذهب معه لشرب شئ ما معا .. كنت اعرف ما سيجر ذلك وقفت لثواني مترددا وما زلت اتذكر الصراع الذي دار في نفسي !
هل اذهب معه واحقق لنفسي ما تصبو اليه وترغب به منذ اكتشفت ميولها .. هل اشبع اخيرا رغبات تخنقني؟
كلا صاح صوت في داخلي مسكتا هذه الافكار.. جسدي اغلى من ان اسلمه لاول شخص يقابلني.. ان ما تريده نفسي اكبر من اللذه الجسدية الزائلة .. تريد الروح .. ان تلتقي روحا اخرى يجمعها الجسد بعد ذلك في كنف المحبه وما اجمل اجتماع الروح والجسد معا .. وانتصر صوت الحكمه
فابتسمت للشاب معتذرا وواصلت طريقي الى البيت...
(2)
اركب المترو الذى توقف على محطه اوبرا حاملا العود بيدى اليسرى وانظر امامى داخل العربه فاجلس وانظر من النافذه فيجلس امامى شاب له ملامح يبدو منها انه شاب عربى واشعر بانه من اهل الشام فلقد علمتنى الغربه ان استطيع تمييز العرب هنا واستطيع معرفه بلدانهم من ملامحهم
وانظر الى محطه اوبرا فى كل حب وعيناها ترمقها وترمق كل جزء فيها وخاصه مقعد فى اقصى زوايه المحطه واشرد بذاكرتى قليلا الى الوراء
الى البدايه
الى العود ذلك الصديق الحبيب الذى حاول الكثيرون ان يفرقونى عنه فانا ما زالت اتذكر كيف كانت جدتى تهتم كثيرا بتنظيف عود جدى كل يوم جمعه وكيف علمتنى مبادى العزف عليه وكم عزفت وغنت لى مقاطع من اغانى سيد درويش مثل وادى الى صار وقوم يا مصر وانا هويت وقد اتقنت عزف هذه المقطوعات فى سن صغيره جدا لدرجه ان كلانا انا وجدتى كنا نجلس طوال يوم الجمعه مستغلين غياب والدى والدتى عن البيت ونجلس ندندن هذه الاغانى فى غرفه جدى رحمه الله
حتى ماتت جدتى واختفى بعدها عود جدى فلقد اخفته امى عنى لكى اركز فى مذاكرتى الا ان العود ظل فى بالى فقد كنت اجلس مع والدى ليستمع الى ام كلثوم واجد نفسى اميز انغام العود من بين بقيه الالات الوتريه الاخرى بكل سهوله مما يثير دهشه الموجودين
وظل هاجس العود فى بالى ليل ونهار وان كان حلم مغاير لاحلام الشباب فى مثل سنى حتى التحقت بكليه التربيه الموسيقيه فاستطعت ان اعود اليه وكاننا لم نفترق يوما ولاعزف عليه عزفا طويلا كاننا حبيبين قد التقيا بعد طول غياب لادهش كل استاذتى مما جعل احدهم يرشحنى للعزف فى بيت العود وساقيه الصاوى ويذيع صوتى بين المهتمين بالعود فى مصر حتى تاتى الفرصه الذهبيه بالسفر الى فرنسا كمنحه دراسيه للدراسه فى السربون والتدريس وتعلم اللغه الفرنسيه ولاجادتى لفرنسيه فلقد تقدمت للمنحه بعد ان انجزت دراستى وتم الموافقه على طلبى ويتحقق حلمى بالسفر
وما ان تطئ قدمى ارض باريس حتى اشعر بالوحده فبرنامج المنحه لا يتضمن احد اخر سواى فلا رفيق ولا صديق ولى برنامج لابد من اجتيازه
ففى الصباح اركب قطار الانفاق من اوبرا الى السربون حيث توجد جامعتى حيث ادرس العود وادرسه لغيرى من العرب الوافدين للجامعه
وفى المساء اذهب لذلك المقهى الملئ بالعرب واعزف العود لاشدو باروع اغانى ام كلثوم وفريد الاطرش ملك العود وعبد الحليم وعبد الوهاب وسط تصفيق الجميع واعجابهم لاتقانى
الا ان بالى كان مشغول بشيئ جديد كنت اكتمه طول الوقت فى مصر ولكنى لم استطع الهروب منه ابدا
فهنا فى باريس ارى المثليين يعبروا عن نفسهم بكل بساطه وسهوله ودون خوف ولا ينظر لهم احد على انهم منبوذين مما فجر بداخلى ذكريات قديمه لدى
عن اول تجربه جنسيه لى كونت من خلالها ميولى الجنسيه عندما اقترب منى جارى الشاب وانا مازلت طفل فى الثامنه من عمرى وافقدنى برائتى والتهم من جسدى ما التهم وسط فزعى وصراخى والمى ولكنه حاول مرارا وتكرار ان يهدى من روعى
ولكنى كنت اجهل ما يفعله معى ولكنه استطاع ان يهدينى ويهدى من روعى وتكرر مع حدث معه مرات ومرات حتى اعتدت الامر معه دون ان اصرح لاحد ما يحدث معى
حتى سافر ذلك الجار ودعنى فى وحدتى لا اعرف ماذا افعل واين اذهب
فقررت الصمت فلقد تملكنى الخوف من تكرار التجربه مع شخص اخر او من ان يعرف احدهم
واسكت نداء جسدى بداخلى وافرغت كل ذلك فى العود لذلك كل من كان يسمعنى كان يتعجب من كميه الحزن والوحده التى اعزفها كانى اناجى طيف بعيدا فى السماءكنت في الثامنه من عمرى وافقدنى برائتى والتهم من جسدى ما التهم وسط فزعى وصراخى والمى ولكنه حاول مرارا وتكرار ان يهدى من روعى
ولكنى كنت اجهل ما يفعله معى ولكنه استطاع ان يهدينى ويهدى من روعى وتكرر مع حدث معه مرات ومرات حتى اعتدت الامر معه دون ان اصرح لاحد ما يحدث معى
حتى سافر ذلك الجار ودعنى فى وحدتى لا اعرف ماذا افعل واين اذهب
فقررت الصمت فلقد تملكنى الخوف من تكرار التجربه مع شخص اخر او من ان يعرف احدهم
واسكت نداء جسدى بداخلى وافرغت كل ذلك فى العود لذلك كل من كان يسمعنى كان يتعجب من كميه الحزن والوحده التى اعزفها كانى اناجى طيف بعيدا فى السماء....
(3)
توقف القطار فى احدى المحطات مابين اوبرا والسوربون نظرت الى ذلك العربى الجالس امامه وحدثته بالفرنسيه
_هل انت عربى؟
فرد بالعربيه
_نعم
_منين يا اخى
_فيرد من فلسطين
فيتهلل وجهى واقول له
_انا من مصر
فيرد
_اهلا بمصر واهل مصر
فألاحظ انه مستمر بشروده فاتركه واسبح انا في ذكرياتي الخاصه
تحركت السيدة السمراء من مكانها لتنزل في المحطة المتوقف فيها القطار .. جعلتني اعود من جديد الى مقعدي المخملي ..جلس مكانها رجل عجوز يحمل مظلة سوداء عليها قطرات من الماء.. فيبدو انها تمطر بالخارج .. نقلني ذلك مع تحرك القطار من جديد الى ذلك اليوم الممطر حين كنت اجري مسرعا هاربا من زخات المطر التي ببللتني جاريا في جادة السان ميشيل متجها الى جامعة السوربون العريقة التي ادرس بها الادب الفرنسي وفي غفلة مني اصطدمت به ووقع كلانا على الارض !
لكنه كان اسرع مني وقوفا فبنيته الرياضيه ساعدته على تلقي الصدمة اكثر مني انا الذي وقعت على الارض وتبعثرت مني كتبي التي كنت احملها بيدي .. امسكني مساعدا اياي على النهوض وساعدني في لململة كتبي ..مسك الرواية التي كنت اقراها في القطار قبل نزولي نظر الى العنوان وقال " عربي ؟ " " اجل ! اجل ! " قلت وما زلت تحت صدمة الاصطدام ثم اعتذرت منه بخجل فقال بلطف شديد " لا عليك هي غلطتي ايضا فلم اكن انظر امامي " .. "أتدرس في السوربون ؟ " سألني وهي يمشي الى جانبي وينظر الي متاكدا ان كان كل شئ على ما يرام .. " اجل ادب فرنسي " .. "رائع انا كذلك ادرس بالسوربون .. لكني ادرس ترجمه " ثم اخرج ورقة وكتب عليها رقمه وقال " هذا رقمي .. يجب ان اذهب الان لكن عليك ان تتصل بي .. فنحن زملاء في جامعة واحدة ثم اريد ان اناقشك برواية عزازيل هذه التي تحملها ! "
"بكل تأكيد " قلت مبتسما .. تابع هو طريقه كان قمحي اللون ذا شعر اسود وكانت عينيه بنيتان فيهما بريق يجذبك للتعرف على شخصية صاحبها ..
حضرت محاضراتي في ذلك اليوم ببعض من النشوة .. كانت سعادة غريبه تجتاحني لتعرفي عليه .. فقد شدتني فعلا شخصيته المتماسكة وبنيته القوية الرياضية .. نظرت للمطر من نافذة القاعة وابتسمت له شاكرا لانه السبب في لقائي به .. اردت ان اتصل به من فوري بعد انتهاء المحاضرات .. لكني لم افعل .
مر يومان وانا متردد في الاتصال .. ولكني قررت واتصلت سمعت رنات هاتفه وكنت بيني وبين نفسي لا اريده ان يرد ..لكن فرحت جدا لما سمعت صوته في الناحيه الاخرى من الاتصال !
" ممدوح ؟" قلت سائلا " هو انا " جاء صوته الدافئ عرفته بنفسي واتفقنا ان نلتقي في اليوم التالي في المقهى القريب من الجامعه .
تأنقت في ملبسي .. سرحت شعري بعنايه واضفت رشة زيادة على الرشات المعتادة من عطري ..فاليوم ساقابله .. حملت حقيبتي الصغيرة فيها رواية عزازيل التي حرصت على انهاءها ليلة الامس فقد اراد ان يناقشني بها وخرجت لمقابلته .. كان يقف كتمثال رخام بديع النحت امام المقهى ابتسم لما راني ,, اخترنا احدى الطاولات الفارغه وجلسنا .....
ما زلت اشتم راحة "الكرواسون " الزكية الذي طلبناه مع القهوة .. ودار حديثنا عن الادب والادباء.. تكلمنا في رواية عزازيل منتقلين الى بعض اعمال لفكتور هوغو ومسرحيات موليير واخذنا الحديث وسحرني هو بثقافته الغنيه واطلاعه على الادب الفرنسي والعربي ...
لا ادري كم مضى من الوقت بصحبته لكني اعرف اني لم اكن اريد للوقت ان ينتهي كان يتكلم فانظر الى عينيه املأ ناظري من بريقها واذني تعانق صوته الدافئ بشوق ومتعه .. لكن الوقت مضى وتوادعنا على امل اللقاء...
(4)
وفجأه توقف القطار ودخل شباب شبيه ليحيى فانظر اليه مندهشا حتى يلاحظ رفيقى العربى فيسالنى
_هل تعرفه؟
فلا اتعجب من تطفله لاننى عربى مثله
فاقول له دون مبالاه
_لا
فلقد ذهب تركيزى الى مكان اخر الى المكتبه حيث التقيته
وكيف ان مرضه اليوم قد منعه ان ياتى معى
كان ذلك وانا فى الجامعه وجالس فى المكتبه حتى تشممت رائحه فى قمه الجمال تجعلنى ابحث عن صاحبها فانظر اليه اذا هو شاب فارغ الطول ذو ملامح شرقيه جميله مختلطه ببعض الرتوش الفرنسيه التى تتمثل فى عينيه الزرقاء الواسعه وانفه الدقيق وشعره البنى والذى تم صياغتهم فى ملامح شرقيه جميله فلا استطيع ان ابعد عينى عنه حتى لاحظها هو فنظر الى نظره كلها سحر لا يمكن مقاومته واعطانى ابتسامه كفيله بانى تقتلنى فى مكانى
فما كان منى الا محاوله الهروب من عينه ولكنى فشلت فعيناى قد نومت مغناطيسيا فى مجال عيناه الساحرتين مما اثر على واثار ارتباكى فلاحظه وماكان رد فعله سوى ابتسامه اعرض واجمل
فاستطيع انى اهرب بعيناى من مجال عينه واقرر ان اترك المكتبه واقوم منصرفا ولا انظر خلفى ولكنى اشعر بلفحه مجال عيناه ترمق ظهرى لتتسائل لماذا مشيت هكذا ظننت
وفضلت طوال اليوم العن نفسى عن هروبى الدائم عن ما اريده وانسانى هذا الموقف رد فعل وواجب على افعله مع قدوم كل دكتور جديد الينا ليشرح لنا
فاليوم سياتى الينا دكتور فى تاريخ العود وكعادتى لابد ان اقضى طول الليله فى ترقب وقلق وهكذا طول النهار فهذه عاده سيئه ولهذا حمدت ربى على هذا الموقف الذى حدث فى المكتبه لانه وفر لى بعض من مخزونى الاستراتيجى للقلق والترقب والتحفز
وجلست منتظر الدكتور القادم وفجاه اشتم نفس الرائحه التى خلبت لبى فى المكتبه تلك الرائحه التى اشعر انها رائحه عربيه واراه هو بملامحه المختلطه بين الشرق والغرب فى تناسق جميل وطوله الفارغ وابتسامته الجميله التى تتسع بشده عندما يرمقنى مما يزيد ارتباكى واتسائل ما الذى اتى به الى هنا
فاجده يجلس مكان الدكتور ويشرع فى تقديم نفسه
_د/يحيى مراد دكتواره فى تاريخ العود من جامعه الزيتونه فى تونس
اذهل من جمال صوته ونبراته القويه وطريقته الجميله فى نطق الفصحى ويبدأ فى تعريف منهجه ويسال كل واحد مننا عن اسمه ومعلومات عنه قائلا
_تفضل سيدى الخجول
موجها كلامه الى فابتسم فى هدوء واعرف نفسى ويشرع بقيه زملائى فى التعريف عن انفسهم وينتهى اليوم الدراسى واذهب الى محطه السربون فاجده هناك ينتظر قطار الانفاق فاتقدم اليه وقد زال بعض من هيبته من عينى واسلم عليه واسأله عن وجهته فاعرف انه يقطن فى نفس منطقتى فاذهب معه فى طريقى للعوده واعرف منه انه تونسى يعيش فى باريس منذ سنوات وانه يعشق مصر واخذنا نتحدث فى تاريخ مدرسه العود المصرى القديمه قبل ان تندثر وقد وجدت ان ارائنا متشابهه جدا
وتمر الايام وانا اذهب كل يوم معه الى الجامعه وانتظره لنعود سويا واتصل به ليلا ولقد لاحظت عليه عدم انجذابه للفتيات نهائى وعندما سألته اجاب بانه مثلى ولا ينجذب للفتيات نهائى مما اطربنى واسعدنى ولكنى وقتها ادعيت الجهل بالموضوع برمته فقال لى
_دعنى اعرفك بعض الشيئ عنه
فارد عليه
_كيف هذا يا مسيو يحيى؟
فقال لى
_سنذهب سويا الى احد المقاهى المحترمه للمثليين هنا يوم الجمعه القادم فهذا يوم اجازتنا المشتركه
فارتبك واقول له
_كيف هذا انا عاداتى وتقاليدى لا تسمح لى
فينظر لى بدهشه
_أمنك اسمع هذه الكلمات؟ وفى باريس؟
ويستطرد
_تعلم يا صديقى ان تتقبل المختلف وان تنفتح على ثقافات الاخرين حتى تستفيد
فانظر اليه واقول
_ولكن أليس وجودنا سويا فى مكان كهذا قد يفسر خطأ؟
فقال لى
_لا تقلق طالما انت غيرى ولست مثلى فلا تقلق فسوف تكون ضيف فقط
وتمر الايام وياتى مساء الجمعه مسرعا وانا كلى خوف وقلق ولا اعرف ماذا افعل هل اذهب ام لا اذهب فانا من داخلى اريد ان احكى له عن حبى له وهيامى الشديد به ولكن الخوف مازال يتملكنى فهذه مدرسى فى الجامعه
ويرن الهاتف فارد فيجيبنى بصوته الساحر انه ينتظرنى بالاسفل فلا استطيع الرفض وانزل اليه وانا فى ابهى حله لى
(5)
افيق من شرودى
ورفيقى العربى يسالنى
_لم اعرف اسمك
فارد عليه
_اياد
واعقب باسما
_وحضرتك؟
فيقول
_على
فاقوله له
_اسم جميل على اسم الامام على كرم الله وجهه
فيرد
_انت اسمك بيعقد
والاحظ انه ينظر الى شاب وامراه وهو يغنى لها على الغيثار...
امراة تغني في القطار مع شاب وسيم يعزف معها على الغيثار هما من اعاداني هذه المرة الى القطار المتحرك المزدحم بالناس وبعد ان عرفت اسم مرافقي ..اعادني القيثار نفسه الذي يعزف به الشاب الى الذكريات نقلني الى شقتي المتواضعه ذات الغرفة الواحدة والحمام كنت اجلس على السرير ويجلس الى جانبي ممدوح .. كانت علاقتنا قد تطورت كثيرا وصار صديق مقرب ويكاد يكون اوحد لي .. كان مثلي يسكن لوحده .. وكم كنت سعيدا لما عرفت ان لا علاقة نسائيه له .. كنت اتمنى ان يكون هذا دليلا على كونه مثلي الجنس ! رغم اني توقعت ان ذلك مستحيل فهو لا يبدو عليه ابدا .. ولكن لما افكر في ذلك كنت ابتسم لنفسي واقول وهل يبدو علي انا ؟
الى ان كان ذلك المساء.. حيث عدت لحي المثليين لكن الى المكتبة هذه المرة ابحث عن كتاب فرنسي في الادب المثلي ..واذ بي اجده يقف هناك في الطابور ينتظر دوره ليدفع .. صدم وارتكب لرؤيتي .. ابتسمت له برفق ولنفسي ابتسامة انتصار وسعاده
خرجنا معا وكشف كل منا اوراقه.. كان اكثر حزما مع نفسه مني ..لم يكن يتقبل كثيرا ميوله لكن اعترف ان فضوله يأتي به كثيرا الى هذا الحي .. وهذا اللقاء الغير منتظر جعل علاقتنا اقوى...
جلس على طرف السرير يحتضن بذراعيه قيثاره ويغني بصوت دافئ اغاني فرنسيه .. كنت الى جانبه كالمتأمل لوحه فنيه مبهور بها .. فما كان مني فور انتهاءه ان امسك وجهه واقبل شفتاه قبلة طويلة غيبتني عن الغرفة وعن باريس وعن العالم كله .. كان هو عالمي وشفتاه هوائي ومتنفسي .
وعشت معه من يومها احلى ايام الحب .. لكنها تنغصت ببروده .. لم يكن يستطع بعد ان يتقبل نفسه فكان بالتالي من الصعب عليه ان يتقبل حبه لشاب مثله !
كنت ابعث له برسائل هاتفيه كل يوم فيها من اقوال الحب الكثير .. ولكن يظل هاتفي صامتا صمتا يقتلني .. انتظر ان يرد ولو حتى بكلمه فلا اجد منه الا الصدود
كنت احاول ان افهم صراعه وان اقف الى جانبه اساعده .. لكني بدأت اتعب كنت احاول لان هناك شئ بي يقول انه يحبني والاهم اني كنت احبه !
لكني شعرت في لحظه اني استنزف الحب فاعطي بدون مقابل..وانا استطيع ان احصل على خير من هذا الحب.. لكن الحب ليس بالشئ الذي نستطيع ان نسيطر عليه .. صارحته .. قلت له لو كان حبي لك يضايقك فساكف عن حبك .. لو كانت رسائلي الغراميه تزعجك ساوقفها .. لكنه لم يجب بشكل صريح .. صمت كعادته !
لكن بعد كلامي هذا غاب .. عشرة ايام مرت علي بعذاب .. ارن على هاتفه فلا يرد .. ابعث بالرسائل ولا مجيب ..شعرت بان دنياي صارت خاويه .. لا طعم لها ولا لون ...
لما يئست وبدأت اتعود على ظلام دنياي هذا رن هاتفي .. وكان هو .. نظرت الى الهاتف ودموع تترقق في عيني وترددت قبل ان ارد .. "قابلني في المكان الذي اكتشفت به حقيقتي لاول مره " ! قال ذلك بصوت ضعيف
كان ذلك يعني ان التقيه في حي المثليين عند المكتبه ...
وجدته هناك ينتظرني عند المساء سلمت عليه ببرود وتمشينا بصمت .. دون ان ينطق أي منا بكلمه .." اعتقد اننا نستطيع ان نظل اصدقاء هذا افضل " قلت دون انظر اليه .. فوجدته يمسك بيدي يضغط عليها ويواصل المسير
دهشتني حركته فهو الذي يخفي نفسه يمشي علانية ممسكا بيدي .. "انا احبك ! " قال بعد فترة صمت خانقه اخرى .. وقعت علي الكلمه كالصاعقه نظرت نحوه اعتلى وجهه وعينيه احمرار واحتضنه مقررا ان اعطيه فرصة اخرى...
(6)
نظرت مره اخرى الى ذلك الوافد الذى يشبه يحيى وتاملته وضحكت عندما تذكرت عندما كنت اناقشه واتعمد ان اخالفه الراى لانى اعرف انه لن يدعنى قبل ان يقنعنى برايه مما يضمن لى وقت اطول معه
واتذكر اول ميعاد لنا ورهبته بداخلى.. رأيتني معه
نتجه الى محطه اوبرا وقد كسى الليل باريس كلها وقد اعطاها انوارها بريق لا مثيل له وخصوصا وانا بالقرب من يحيى فلطالما خجلت ان اناديه باسمه احتراما وتقديرا لوضعه ومكانته العلميه الرفيعه ولوقاره الذى لا يصطنعه فهو شاب فى الثلاثينات من عمره ولكنه ذو عقل كبير ومنفتح
و قبل ان يأتى القطار ونركب متجاورين وانا كعادتى اجلس بجاور النافذه انظر الى باريس الغارقه فى الاضواء وستائر الليل تنسدل عليها فى منظر اكثر من رائع وياتى القطار ونقترب من محطه ايتيان مارسيل وما ان نصل حتى يقول لى يحيى
_اتفضل يا اياد
فاتقدمه واشعر بيده فى ظهرى تدفعنى للامام فى تؤده وقوه خفيفه لا اعرف لماذا كل لمسه من يحيى يكون لها لدى وقع جميل ولذيذ حتى اكاد اجن لو احتكت يدى بيده وهو يشرح لى ولا اعرف ان كان يشعر بى ام لا يشعر
ونقترب من المكان المنشود وادخل انا ويحيى والاحظ ان يحيى معروف فى المكان وان الكثير يعرفونه ويسالؤنه عنى فيجيب
_انه تلميذى يريد ان يتعرف على احبابى واصدقائى الحقيقيون
فيتجهم وجهى لنعتى بتلميذه ولكن من اين يعرف بانى احبه بل اهيم فى حبه فاصمت وانظر على الاستعراضات الجميله فيقترب النادل مننا ويسال يحيى عن ماذا سيتناول فينظر الى
_اياد اليوم انت ضيفى تحب تشرب ايه؟
فلم اتردد
_اريد شيئ يسرى بعض الدفء فى اوصالى
فينظر لى يحيى مندهشا فلم يتوقع ان ساطلب خمرا فهو يعرف انى لا اشربها
فأسالها
_ماذا ستشرب؟
فيقول لى
_فودكا زى العاده
فاقول له
_وانا كمان
واجلس جاهما حتى ياتى النادل ومعه الكأس الخاص بى واشرع فى تناوله مستغربا مذاقه الحارق فى البدايه
وينظر لى يحيى
_لما انت مش بتشرب طلبت ليه
فاصمت واكمل شرب كأس الفودكا فى صمت فيقول لى
_أياد...فى شيئ ضايقك هنا؟
فلا ارد فلقد ادارت الخمر رأسى قليلا وفجاه يدخل احدهم من الباب ومن ان يرى يحيى حتى قفز وقال
_جون مون امور
ويرتمى فى حضن يحيى ويقبل يحيى من شفتيه
لا اتذكر ان كان جارى قد لثم شفتاى قبل ذلك ام لا لاشعر بكم هذه الغيره من ذلك الفرنسى حتى افكر بان ارميه باقرب شيئ لابعده عن يحيى
ولكنى لا اتمالك نفسى فهو بعد ان قبل يحيى يقف ملاصقا له ويحيى يرمق جسده ويضحك ضحكا عاليا
فلا استطيع البقاء فاقوم مسرعا من المكان غير عابئ بنداء يحيى على واذهب الى محطه قطار الانفاق
واركب القطار المتوقف فى المحطه وما ان يقفل الباب حتى المح يحيى ينزل درجات سلم المحطه مسرعا ويلوح لى ولكن القطار ينطلق وانا كلى حزن ولا اعرف لماذا افعل ذلك معه فهو عازب يفعل كيفما يشاء
لا اعرف ما الذى دعانى للوقوف منتظرا على محطه اوبرا فى مثل ذلك الوقت منتظر القطار القادم من ايتيان مارسيل
وينزل يحيى منه وما ان يرانى حتى يسالنى
_ماذا حدث لتفعل كل هذا؟
_انا كنت واقف مستنيك مشان اعتذرلك
_لا ما اريد منك اعتذار بدى تفسير
فاصمت واتقدم خطوات الى ذلك المقعد فى زوايه المحطه واجلس وانزل راسى الى الاسفل وتنسدل منى عبرات حبى له فيتقدم لى ويجلس بجوارى ويرفع راسى ليرى دموعى تنهمر فى صمت تحمل امضاء حبه
فيقول لى
_أنت ليه بتعمل هيك؟
فاصمت وتزداد الدموع على وجنتى فيقترب منى يحيى منى فى بطء حتى كاد يلمس شفتاى
ورحنا كلانا فى قبله طويله لم اذق يوما فى جمالها ولن انسى شعورى وقتها والدفء يسرى فى اوصالى معلنا بدايه قصه حب جديده بعد صبر 10 سنوات
توقف القطار فى محطه السوربون
ووقف كلنا ويحمل على كتبه واحمل العود ونزلنا سويا في المحطه ومشينا فى صمت والمطر يعلن انتهائه من حصه اليوم لباريس
كانت درجات المحطه مبلله
بادرت بالكلام
_انت ليك اصحاب هنا؟
فيرد
_مو كتير لانى هون من 6 شهور
_انا كمان من فتره قريبه
فعقب
_بتمنى نصير اصحاب لان فى الغربه الحياه كتير صعبه
فرردت
_اكيد حتى بعرفك على استاذى وصديقى
فينظر مبتسما ويقول
_وانا راح اعرفك بناس كتير يعزوا على
وراى كل منهم المخرج الخاص بالمكان الذى سيقصده
وامتدت ايديهما للمصافحه
ومضى كل واحد فى طريقه دون ان يأخد هاتف او عنوان الاخر
تاركين لقائهما الاخر للصدفه
هناك 3 تعليقات:
سلامتك !!! انت صحيح حتعمل عمليه ؟؟؟؟
صحيح انه تعليقي جدا بعيد عن نزول هذه الحكاية الا ان احرفكما مبدعة ولا يستطيع القائر الا ان يعلق على جهودكم المبدعة التي تجعلة يتصور في داخله وعقله انه هو من في القصة فمبارك لكم ولنا اجمعين على هذه المثلية التي جعلتنا نسكن في عالم آخر عالم الحب والإخلاص للذات اشكركم. اياد وعلي واتمنى ان تبقيا صديقين مبدعان ومخلصان في ذات الوقت والبتوفيق وارجوكم عودا للكتابة
القصة فيها خربطة ما فهمت شي بيحب ممدوح و يهطيه فرصة تانية وبعدين يصير يحب يحيى!!
إرسال تعليق